قراءة فى كتاب - المسيخ الدجال - د مصطفى محمود

خترت لكم رواية المسيخ الدجال للكاتب الراحل الدكتور مصطفى محمود

إختيار هذا الكتاب للبدء به حقيقة عن سبب ، حيث كان هذا الكتاب هو مثل لي بوابة العبور وأنا مازلت اخطو خطواتي الأولى فى الحياه ، يوم ان كنت في الصف الول الإعدادي وكنت اقف يومها على المكتبة المدرسية فى اليوم الإسبوعى المخصص للحكم الذاتي ، والحكم الذاتي على المكتبة لأول مرة حمل لي تحولاً كبيراً ، في ذلك اليوم كان هذا الكتاب هو أول كتاب اقرأه خارج نطاق المجلات والجرائد والمغامرات


لنبدأ على بركة الله


www.4shared.com/office/g-aBQhx6/___online.html

--------------------------------------------------------------------------------------
المقدمة

فى صفحة الكتاب رقم 3 وحتى رقم 7 يقدم الكاتب للقارئ الكتاب على أنه رواية أدبية وأدرجها كاتبها على أنها كوميديا سياسية فانتازيا وليست كتاباً دينياً وعليه ولا يجب ان تقرأ من ذلك المنظور ويكون النقد والحكم على الكتاب من وجهة نظر أدبية بحتة ، فى سبيل توضيح ذلك إستشهد الكاتب بتوفيق الحكيم ورؤيته الأدبية لأهل الكهف وكذلك طه حسين والعقاد عندما كتبا فى السيرة من منظور أدبي وصنفت تلك الكتابت كروايات وليست كتباً دينية

ولعل هذه المقدمة قد اطلقت العنان لخيال الكاتب ليحلق بعيدا وهو آمن من التقيد بأطر دينية او مجتمعية

يقدم الكاتب نفسه للقارئ - غاليا القارئ الجديد - على أنه أديب وليس رجل دين ، كقاعدة يرتكز عليها قارئ الكتاب وحتى لا تختلط فى رأسه المفاهيم ولا يتخذ ، ونفى عن نفسه ان يكون مفسراً للقرآن أو عالم ديني 


--------------------------------------------------------------------------------------
الفصل الأول ... المسيخ الدجال

يبدأ الفصل الول في صفحة الكتاب رقم 10 وحتى رقم 29 بعنوان .. المسيخ الدجال

يقدم لنا الكاتب بطل الرواية وهو رجل عابد منعزل فى صومعته فوق الجبل ليتعبد ومضى على ذلك 20 سنة لكنه بالرغم من كل تلك الفترة من التعبد ، لم يعمر قلبه بالإيمان الحقيقى ، فهو يختلس النظر لكل إمرأة تحضر له الطعام من القرية المجاورة بل زاد على تفحص اجزاء جسدها واستحضارها حتى فى أثناء صلاته ، ففسدت صلاته وكانت الملائكة تكذب نفاقه

ولأنه كان كذلك لم تنزٌل عليه الملائكة ولكن أتاه الشيطان ف صورة نور باهر واقنعه انه هو ربه .. هنا الكاتب جسد قوله تعالى "أفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ" [الجاثية:23] السورة - جاءه الشيطان وقال له انا ربك وقد رفعنا عنك التكليف يا شيخ فافعل ما تشاء تزني ، تسرق ، ... انت الآن معصوم

فرح الرجل بهذه الشريعة السهلة والتى تتماشى مع ما يعمر به قلبه ، ولكنه طلب برهاناً

إبليس أجرى على يده الكرامات وأعطاه عصى ينزل بها المطر ويحيي بها الموتى ويخرج بها البترول من الأرض ويمشي بها على المياه واعطاه قلم مسحورا ليكتب به بديع الكلمات ، فكتب هذا الشيخ وأبدع فى الإنحلال والعبث واعلن حرية الإنسان وحقه فى اشباع رغباته ما دامت برضى وليست اغتصاباً (أخفت كلمات الكاتب شخصية الكاتب أنيس منصور بين الأسطر) ... وهكذا خاطب الشهوات

لما خرج الناس عليه أراهم الكرامات فانقسم الناس لنصفين فمنهم من قال انه المسيخ الدجال ومنهم من قال انه ابن الله او هو الله نفسه ، وغرقت الأرض فى الفساد ،

ولكن ظهر المسيح الحقيقى فى مكة وقتل المسخ الدجال وارسله إلى الدرك الأسفل من النار ، وهنا تبدأ الرواية

اصطحب مالك خازن النار الرجل إلى الدرك الأسفل من النار حيث إبليس وأعوانه ، ووضع الكاتب فى هذا الموضع ماركي ولينين وهتلر و ... جمال عبد الناصر ... وبرر ذلك بأنه أعلى كلمة نفسه وعذب الأبرياء واستخدم الجلادين والطغاة

وينطلق الكاتب من قناعته بأن كل مخير والله مطلع على ما سوف يختاره وتركه يسير الدرب بحريته كاملة ، وخلاصه الوحيد كان فى حق الإيمان

يورد الكاتب فقرة ليظهر ان هناك من هم ابشع حتى من الراقصات والعاهرات ومن هم يستحقون الدرجات السفلى من النار ، بل يقول لا تدري علاقة هؤلاء بربهم ولا كيف ختم الله حياتهم ، وفرق بين اهل الإصرار وأهل الإستغفار الذين قد تقبل توبتهم ولو كانوا راقصات

وختم الكاتب هذا الفصل بطلب المسيخ الدجال من مالك أن يقابل إبليس الذي خدعه


--------------------------------------------------------------------------------------
الفصل الثاني ... لقاء مع الشيطان

ها هو ذا العابد وخبيئته التى وشت به بعد 20 سنة متعبداً ، ثم إنه اتبع هواه فكان من الغاويين ، واحتل موقعه من الجحيم وهو يسلك الآن طرق الجحيم هابطاً لملاقاة الشيطان ، فكلاهما كان فى شوق لمقابلة الآخر ، وها هو الشيطان يقبع فى قلب الجحيم ، وها هو يعانق الدجال ، فيخبره الشيطان انه له منزلة اسمى فى الجحيم من إبليس نفسه ويتبرأ منه ، والكاتب هنا ينقل لنا مشهداً من الجحيم أخبر به القرآن

يقف الرجل ليجادل الشيطان بأنه هو الذي أغواه ، فيخبره الشيطان بأنه كان يعرف منذ اليوم الأول انه ليس الله ، ولكون الأمر على مبتغاه فقد أكمل المشوار وهو ينشد اشباع رغباته ، وحتى العصا السحرية أخبره الشيطان ان منجزات العصر الحديث تتضائل أمامها تلك العصا ، وُيسرٌ إبليس للرجل باعتراف ان وبفضله زادت اعداد العاطلين من الشياطين لأن مكرهم تضائل أمام ما قام به ، بل يخبره ان اقصى ما قام به شيطان من قومه أن وسوس لأحدهم بالخواطر الجنسية ، ولكن الدجال اقام محطات فضائية واقماراً صناعية لتبث الأفلام الجنسية للجميع طوال الوقت وخاصة الشباب ففسد الجميع

ويروي الشيطان الأعظم للرجل حكايات متعددة تمثل كيف وصل الإنسان بنفسه لدرجة متطورة فى علم الإنحراف والجريمة تعجز الشياطين ان تأتي بمثلها ، بل يصل الأمر بالشيطان ان يعترف انه اخطأ عندما رفض السجود لآدم وهو يجهل قدره ، وسجد للرجل وسط لحظة إختيال من الدجال فى قلب الجحيم ، ولما طلب الرجل من الشيطان أن يساعده فى التخلص من رفيقه فى غرفته فى الجحيم اعتذر الشيطان قائلا إن الملك اليوم لله الواحد القهار

طلب الرجل من الشيطان ان يدله على مكان عبد الحليم حافظ أو أم كلثوم فاعتذر الشيطان لأنهم ليسوا نزلاء ، وعرض عليه مقابلة مارلين مونرو أو بعض كتاب الفلاسفة والدجالين والذين احترفوا إفساد الناس عن عمد أو الطغاة والجبارين وقتلة الأنبياء والسحرة وهولاكو وهتلر وستالين

يسأل الرجل هل من الممكن أخذ فرصة لتصحيح الماضي فيجاوبه بأنه لو رد لعاد لما كان يفعل لأنه قبل أن يولد قدر بأنه من سكان الجحيم

يهاجم الكاتب نجيب محفوظ متعللاً بأن قصصه صراعات بلا وجودلأي أثر لله وبالرغم من ذلك هو يصلى ويصوم وملتزم فيجيبه الشيطان : ولهذا لم يكن من النزلاء فقد تكون قد حسنت خاتمته

لما اسقط فى يد الرجل همس فى أذن الشيطان قائلا لم يعد لنا غير الثورة الإشتراكية فى الجحيم ، فنصحه الشيطان بعد سجال طويل بأن يحترس لأن جهاز المخابرات فى الجحيم دقيق ولا يستطيع إخفاء أمر كهذا ، عند ذلك أخذه مالك خازن النار لغرفته حيث رفيق الجحيم باناماريوف 


--------------------------------------------------------------------------------------
الفصل الثالث ... زهرة الرند


يذهب مالك خازن النار بالدجال إلى زنزانته حيث زميله باناماريوف الشيوعي ، وكانت الزنزانة سقفها هو عرش إبليس وتتدلى قدميه بكل جحيمهما على رأسيهما ، فما تلبث رأس الدجال ان تغلى وتفور وبالرغم من ذلك كان الرفيق باناماريوف لا يكف عن الكلام عن الشيوعية بشكل كان يحطم كل خلايا جسد الدجال ولا يتوقف عن الكلام أبداً عن الشيوعية ، البروليتارية ، الديماجوجية ... وهكذا بدأ الكاتب يُخضِع الشيوعية للنقد ... قائلاً الشيوعية انتشرت في بلادنا كوعد كاذب للمحروم بأنه سيملك ويحكم ، ولأنها صادفت هوى الشباب الذي يريد الإستراحة من تكاليف الدين ومن عبء الحلال والحرام ، إن قصة الشيوعية فى العالم الثالث هي قصة تحريض الجياع على الشبعانين وهو أمر سهل ... حتى بدون الشيوعية

ما لبث الدجال أن صرخ مستنجدا من كلامه ومن موضع قدم ابليس فجائه مالك بالطعام من زقوم واشواك وقطران مغلى ، فما إن رأى هذا الطعام حتى طلب سماً أو مخدراً ولكن مالك أخبره انه لن يموت وانما سيتعذب للأبد

ثم ان الدجال تعجب من كيف ان خادمه يتنعم فى الجنه وهو السيد الذي مشى 5 ملايين فى جنازته يعذب ويهان هكذا

ثم انه طلب من مالك ان يطلب له الشفاعة من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليطلبها من ربه ، فأخبره مالك انه ليس له شفاعة ولا رحمة لأنه أقام نفسه إلهاً مع الله ، ثم إن مالك هم بالمغادرة عندما استوقفه الدجال طالباً أن يأتي بزوجته ، فيرد مالك أيهن فلقد تزوجت ثمانين واستحللت جسم خمسة آلاف إمرأة دون زواج ، فيخبره الدجال بطلبه زوجته زهرة النرد ، فيجيبه مالك بأنها تزوجت إبليس فقد أعجبت به ، فيصرخ الرجل انها نقية طاهرة ، ولكن مالك يخبره ، ليس بالضبط فقد خانتك مع كل من حولك واستحل جسمها 5000 آلاف هم عدد من استحللت نسائهم

لما سمع الدجال ذلك صرخ صرخة عظيمة وراح يأكل جميع إجزاء جسده وكلما اكل حزءً نبت من جديد ، ثم أنه مع العذاب صرخ .. يا مالك ليقضي علينا ربك .. فيجيبه مالك إنكم ماكثون ... إخسأوا فيها ولا تكلمون ... يا أهل الجحيم عذاب بلا موت ... يا اهل الجنة نعيم بلا موت ... جفت القلام وطويت الصحف



تعليق

ناقش الكاتب في هذا الفصل الشيوعية وابدى رأيه فى كونها هراء من كلمات بلا معنى وعرض انتشارها على خلفية تطميع الفقراء بالغنى والسلطة ، وعرض لمشاهد من النار كما وردت فى القرآن وإستخدم في ذلك آيات كاملة كما وردت فى القرآن الكريم فى مشاهد يوم القيامة


--------------------------------------------------------------------------------------
حكايات الرجل الحكيم
الحكاية الأولى ... صياد الحقائق


يبدأ الكاتب فى هذا الجزء عرض مجموعة من الحكايات والتى تحمل كل منها رسالة ، وسنبدأ بالحكاية الأولى والتى أسماها "صياد الحقائق" ، تعالوا معاً نعلم الحقيقة التى أراد الكاتب أن يخبرنا بها ويكاد كل أبطال الحكاية ينطقون بها ... او هكذا أستنطقهم الكاتب لخدمة هدفه

رجل عجوز يقدم نصائحه بعدم التأثر بالدموع ولا الوجوه ولا ما تقوله الألسن لأن كل ذلك هو جلد الإنسان ... والحقيقة ... إن الإنسان يغير جلده باستمرار لذا فالباحث يجب أن يغوص أسفل الجلد ، وليس ذلك القلب ولا العقل أيضا ... يذهب الرجل الحكيم لأبعد من ذلك
يقول .. لتعرف شخصاً على حقيقته .. أنظر له فى لحظة إحتيار حر عندما يرتفع عنه الخوف والحذر وتشبع الشهوة وتسقط الموانع ... فالشيخ أو القديس قد يزني ، وقد ترى العاهرة تصلى ، وقت يطعنك صديقك ، وقد ينقذك عدوك ، وقد ترى الخادم سيداً فى أفعاله ، والسيد أحقر من أحقر خادم فى أعماله ، وقد ترى ملوكاً يرتشون وصعاليك يتصدقون

يروي الرجل العجوز قصته وهي عن حبه لجارته المتزوجة وهو طالب وكانت تأتيه غرفته لتقضي معه أوقات خاصة جداً ملؤها الغرام والشهوة ، ويتواعدان ويتعاهدان على الزواج بعد موت الزوج ، ثم أن الزوج يموت وترث الزوجة ثروة كبيرة ، فتغلق باباها فى وجهه وتتزوج من طبيب ، فهى اختارت طبيباً وليس طالباً فاشلاً .. عندما اختارت بنفسها ، وما لبث الطبيب ان إشترى عيادة جديدة وبعدها أنشأ مستشفى كل ذلك بأموالها ، ثم أن الطبيب سافر للسويد لتجهيزات المستشفى ، فعاد يتأبط ذراعه حسناء سويدية قد تزوجها - وله فيها منافع أخرى - حيث سترأس حكيمات المستشفى

يمضى الكاتب بالزمن عشرين سنة ، لنرى الطالب الفاشل وقد أصبح محامياً ناجحاً ، ونفس تجلس المرأة امامه فى المكتب تلك التى كانت حبيبته يوماً ما توكله فى قضية ، وقد تغيرت الملامح وترهل الجسد وزبلت الأعضاء ليتعجب انه أحب هذه يوماً ما ولم يطق فراقها وارتكب معها كل فاحشة

ثم أن الرجل يختم بالنصيحة بأن الزمن كفيل بتغيير المواقف فمساجين الأمس قد يكونوا حكام اليوم ، وقد تذل هامات كانت مرتفعة يوماً ، وقد يضحى المشاهير نكرات ، ويعود الرجل فيلوم نفسه بعد ان كشف له الزمن وعرف ان هناك حكمة الهية من النهي عى الهوى والغواية ... لأنه عند اكتشاف الحقيقة يكون الزمن قد مر ولا يصلح ما فسد

ثم يختم الحكاية بأن السويدية فرت مع سائح فرنسي من الطبيب وسقط الطبيب مصاباً بشلل نصفي ، وهو - المحامي - قد فقد أسنانه ووضع تحت الحراسة ولم يعد يملك غير عكاز يتوكأ عليه وضاعت كل الأوهام ولم تبقى غير الحقيقة والذي ينصح بأن نغوص تحت الجلد لنرى حقيقة أي إنسان فى لحظة إختيار حر ... أو نتعلم صيد الحقائق


--------------------------------------------------------------------------------------
حكايات الرجل الحكيم
الحكاية الثانية ... البنك المركزي


مجانين من يتخذون المال هدفاً ... كان هذا بداية حوار مشيعين فى جنازة ، وهكذا بدأ الكاتب هذه الحكاية ليتعظ الحي من الميت ،وليبين أن الإنسان احتياجاته محدودة من طعام ولبس وسكن ، ولو زاد ماله عن حاجته سيتحول إلى خادم للمال ، بالرغم أن نهايته مثل الميت الذي يشيعونه الآن

يعطى الكاتب مثلاً شاه إيران وما يملكه من أموال وقصور وحرس فى جزر الباهاما ، ويقول انه رجل مسكين يأكل ولا يهضم ويضجع فلا ينام ، ويعيش الخوف فى كل لحظة ، واصبح هيكلاً يتحرك ... فهل نفعته أمواله

يعطي مثلاً آخر أوناسيس الملياردير ، وقد تزوج أرملة كنيدي رئيس أمريكا ، ويعود لأصل الحكاية ، حيث يقول انها قصة المال الذي أحب المال وتزوج المال ، والطمع الذي احب الطمع ، والشهرة التى أحبت الشهرة ، ولذلك لم يصمد كل ذلك امام موت إبنه وانتهت أسطورته ، ثم أن زوجته تحولت إلى مال آخر وشهرة أخرى فى دائرة غير منتهية من البحث عن المال ، ويصف الكاتب مثل هؤلاء بالمجانين ، ويستنكر الكاتب اختلاف الجوهر عن المظهر ، لأن الحقيقة هي الملازمة للفرد مهما تكلمت عنه الصحف لأن مصير تلك الصحف القمامة

يوضح الكاتب الرسالة التى يريد إيصالها من ان الطمع والحقد وحسد ما لدى الآخرين هو ما يقود الإنسان إلى كل ذلك من خلال توضيح أن فقير اليوم يملك من كل شئ حوله أضعاف ما كان يملكه ثري عاش من قرون بل من قارون نفسه ، فالسبب ليس الفقر ولكن السبب نابع من داخلنا نحن بالنظر إلى ما لدى الآخرين ، لأن الغنى الحقيقى غنى النفس ، لذلك يظل الشحاذ يطلب الناس طول عمره وأماله مكدسه فى الأجولة

وللتأكيد على ما يرمي له يروى حكاية حدثت من اكثر من خمسين سنة فى شارع عماد الدين - شارع شهير فى وسط القاهرة كان قديما معقل أهل الفن - عن شاب من عائلة خريج حقوق حديث ، ذلك الشاب الذي تعجل الثراء وسافر لتحضير الدكتوراه من جامعة السوربون فى فرنسا ولأنه متعجل فبدأ طريقه من شارع البيجال حيث النوادي الليليه وفتيات الليل ، وما لبث ان صاحب فتاة بار ألمانية ، فطافت به كل علب الليل والمخدرات ونوادي التعري ، وعرفته على اخيها تاجر المخدرات فى ألمانيا ووجد طريقه عضوا فى عصابة لتهريب المخدرات فوجد ضالته وما كان يبحث عنه ... الثراء السريع

ثم أنه قبض عليه وهرب وقبض عليه ثم قامت الحرب وتفجر كل شئ من حوله وهو حبيس فى السجن ، فلما انهارت جدران السجن وجد نفسه حراً ، فوجد نفسه فى ألمانيا أخرى غير التى يعرفها كل شئ مدمر وخراب ، ونساء تبيع نفسها فى مقابل رغيف وسيجاره ، والكل ينهب ويسرق ، والبنك المركزي الألماني الذي كان يضمن كل البنوك وجده أكواماً من التراب ، ففكر ان يبحث عن خزانه ليسرقها منه ، وبالفعل وجد ضالته وملأ حقيبة بملايين الماركات ، لكن فى الصباح قرأ افلاس العملة الألمانية وإلغاءها فضاع كل شئ فى غمضة عين

ويختم بأن البنك المركزى الضامن لكل البنوك لم يستطع أن يضمن نفسه ... لأن المال ليس ضامناً لأحد ... وإنما الضامن هو الله ، والمشكلة ان القلوب لا تعمر بالإيمان الصادق بهذا ولكن من يؤمن حقا ان الله هو الضامن هؤلاء هم ... المؤمنون
--------------------------------------------------------------------------------------
حكايات الرجل الحكيم
الحكاية الثالثة ... تبسيط المسائل

بعد ان بدأ الكاتب حكاياته بصياد الحقائق بغرض معرفة حقيقة الإنسان ، بعد ذلك حقيقة النفس البشرية ومطامعها ، يستمر فى عرض حكمه وهذه المرة سيتكلم عن طبيعة الأشياء وطبيعة الحياة ، هذه الحكاية أسماها "تبسيط الأشياء" ، ويعرض لأمر خطير قد يسيطر على عقل الفرد وتتعلق سعادته به ، الا وهو إختزال الحياة والسعادة فى نقطة واحدة فى الحياة ، كالزواج من محبوبته أو الحصول على وظيفة محددة ، أو الهجرة لأمريكا ، ولو لم يتحقق له حلمه ينهار ، ويقول إن الحياة لا تقبل هذا التبسيط لأنها معقدة ومكونه من عوامل متداخلة ، ولو ذهبت تبسطها لمزقتها

يعطي الحكيم مثلا قيس وهو من أوقف حياته كلها على الزواج من ليلي ، يقول الحكيم هبنا سلمنا انه تزوج من ليلي حلم حياته ، هل تدرون أن عقله كان ليعود إليه من أول لكمه على الفراش من ليلى وهي تقول له ابنك مريض أو بنتك تتقيأ ، أو أنا قرفت منك ومن أولادك ، بالطبع وقتها ستتبخر كل الشاعرية وقد يلعن اليوم الذي نظم فيه الشعر في ليلى

ثم ينتقل إلى الحكاية وهي عن طبيب جراح شاعري رومانسي حالم متزوج من زوجة فى حجم البرميل ، ثرثارة ، خاملة المشاعر ، غليظة الطبع ، ثم هو يقع فى غرام إمرأة أخرى مثل الفراشة نورانية الروح مثل شعاع الفجر لكنها متزوجة ، فيهيم الإثنان حباً بلا أمل ، ولكن يموت زوجها فجأة فيتزوجها ، فخلقت له جنة على الأرض ، لكن لأن الطبيب بسط الأمر لم يلتفت لنقطة هامة في محبوبته ، ألا وهي جنون السرعة

فذات يوم قادت السيارة بسرعة 180 كيلو متر وهو معها وفجأة قفزت السيارة وإنقلبت وخرج الطبيب من تحتها ليعيش بساقين خشبيتين وذراع صناعية ، ثم أنه يسأل نفسه ألم تكن الحياة مع كرة اللحم والشحم الثرثارة أفضل

يختم الحكيم بقوله أن الحياة معقدة وقد يأتي الخير مما نكره


--------------------------------------------------------------------------------------



هناك تعليقان (2):

  1. رائع رائع رائع .. بارك الله فيك .. ملخّص في منتهى الرّوعة و الجمال .. إسمح لي باقتباسه لإضافته إلى مكتبة مختصرات الكتب لديّ .. حقّاً إنّه عمل جليل و رائع

    ردحذف
  2. كتاب قيم حقا بثير الدهشه والخوف والترهيب كعضه ولاكني قرات كتابا اخر بنفس ااىعنوان وهو يصف المسيخ الدجال بالعصر الحالي من فتن والتكنلوجيا المتقدمه وحب المال


    ردحذف