روحانيات إيمانية

الإيمان والعقلانية ... منهج قد تبين الرشد من الغي


سؤال شائك ... هل منهج التفكير العقلي يتنافى مع الإيمان؟ والآيات بأسفل والتى تتكلم عن إيمان عن رؤية أو علم بما يمنح العقل مساحة للتفكير غير محدودة بحدود وخاصة عندما يصدر ذلك عن رسول الله وكيف لا يتنافي ذلك مع حق الإيمان ، وان كان هذا حال الرسول الكريم إبراهيم صلى الله عليه وسلم يطلب ان يطمئن قلبه وهو من نجا من النار سابقاً ، وهذا الرجل الصالح يسأل نفسه كيف يحي الله هذا الأرض الخراب ، فما حال رجل من الناس لم يبلغ تلك الدرجة 

 أو ليست هذه الآيات تشجع على التفكير وقذف الدين بكل فكرة لأنها لو كانت فاسدة فستنهار وستظهر أصل الدين ولو كان بها ما ينفع الناس فسنمكث في الأرض ولن تصطدم بالدين ، أو لي هذا نهج المفكرين الإسلاميين الذين اتهموا بالإلحاد بإذا بهم يعودون بعد رحلتهم اعمق ايمانا واقوى حجة في الدفاع عن الدين نفسه ، او ليس هذا حثاً على تطبيق منهج الشك القائم عليه الكثير من العلوم

 حقاً لا أعرف انما طرحت افكارى هنا ليتبدرها من يريد


 يقول المولى عز وجل فى محكم آياته
 أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

 أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

 وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ

 صدق الله العظيم
 البقرة
 259-260
------------------------------

الآية الأولى تتكلم عن الإيمان ، وبدأها الله سبحانه بتأكيد حقيقة وهى "لا اكراه في الدين" ، ولكن متى ، بعد تبين الرشد من الغي أو الضلال ، ومن ثم هو ربط نفسه بحلقة لا خروج منها تصله بالله سبحانه ، والله سميع وعليم بكل أمور الناس وسيعلم موقف كل منا فمن "استوثق" فسيمد له العون " لا انفصام لها" ولن يقطع الرابط بينه وبين الله

 الآية الثانية تخبر أن الله يخرج المؤمنين من الظلمات ، ونحن هنا بصدد الكلام عن الإيمان والظلام يعنى الضلال ، فهل المؤمن يكون ضالاً ، تؤكد الآيات نعم ولكن المؤمن الحق سيمد له يد العون وسيخرجه الله من الضلال الى جميل الإيمان ، ام الكافر (ونحن نتحدث أيضا عن الإيمان فهذا مؤمن ليس بحق مؤمن ولكنه يقينا كافر) فمن هو الذي سيخرجه أو سيمد له يد العون ليس له الا اصدقاءالأقوى منه والأشد منه ضلالا ليخرجوه إلى صريح الكفر وإلى الظلام الدامس والنار هي عقاب هؤلاء 

 الآية الثالثة تعود الى كيفية "تبين الرشد من الغي" حتى نصل لحقيقة "لا اكراه في الدين" كما نصت الآية الأولى ، فهنا رسول الله إبراهيم يكون المثل المضروب عندما جادل "اذكروا معى اننا فرضنا على عقولنا امر لا تجادل" احدهم ويقال انه النمرود وهو كان ملكاً ولكن الآيات لم تذكر ذلك ، ما هو طبيعة الجدال ، فى الله عز وجل عندما ساوى نفسه بالله فى منح الحياة أو سلبها وهو هنا تشبيه يمكن الكلام عنه ولكن رسول الله ذهب للمثل العملى مباشرة ، فأراد رسول الله ابراهيم صلى الله عليه وسلم ان يبين له "الرشد من الغي" فأعلمه ان الكون يسير بحكمة الله وبقدرته عندما طلب منه ان يعكس اتجاه حركة الشمس ، وهنا "تبين الرشد من الغي" بقى "لا اكراه في الدين" فهل آمن النمرود ام لا ... الله اعلم

 الآية الرابعة تتكلم عن رجل ،يقال انه العزيز بنى إسرائيل ، تذكروا ان الآيه السابقة لملك ، وهذه لرجل من الناس ولكنه مؤمن "أعلم ان الله على كل شئ قدير" هذا ختام كلامه فإنه من الأصل مؤمن ، ولكن الآيات تتكلم عن الإيمان "الله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور" ، فهنا مر الرجل بلحظة اظلام ، ولأن الله عز وجل يعرف حقيقة إيمانه ، مد له يد العون ، ولكن كيف وهذه ايضا يجب ان نتوقف عنددها لاحقاً "فأماته الله" ، هناك في سورة الكهف " ضربنا على آذنهم" فناموا ، وهنا ما يجب ان نتوقف عنده لاحقا بكيف ان الموت يشبه النوم وهنا آيات عن ذلك ولكن ليس موضعها ، هنا الله سبحانه اعطى ثلاث آيات للرجل المؤمن "قد تبين الرشد من الغي" ، الأولى نام او مات مائة عام فخرق قانون الكون ، طعام لم يفسد لمدة مائة عام ، عظام حماره وهى تتجمع أمامه ثم يكسوه اللحم ثم تدب الروح فى الحمار ، هل أخبر الله عن حال القرية هل عمرت أم لا ، لا لم تخبر الآيات لأن المقصود ليس اعمار القرية ولكن "قد تبين الرشد من الغي"

 الآية الخامسة تكمل السابقات وهى عن الإيمان وعن "قد تبين الرشد من الغي" وعن "الله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور" ولكن سابقاً كان ملكا وبعده رجلاً والآن الصنف الثالث من البشر رسول نبي ، يجب ان نفكر جيداً ونعلم أن رسول الله ابراهيم عليه السلام قد وصل إلى اليقين سابقاً يوم نجى من النار "يا نار كوني برداً وسلاماً" ،وهو هنا  يجادل الملك بالحجة العقلية لأنه صار داعياً الى الله وامر بالدعوة ، ولكن كيف للشك ان يدخل الى قلبه ويطلب ان يصل من اليقين الى عين اليقين وهو من عاين اليقين بنفسه يوم الحفرة ، هنا آيات القرآن الكريمة ومنهج الله فى تربية المسلمين حقاً هو عجيب ، ترتيب الآيات كلها تخبر ان "قد تبين الرشد من الغي" حقيقة وتطبق على كل البشر مهما كان موقعهم الإجتماعي ، وثانياً تعلمنا الآيات ان طلب الزيادة قد لا يعنى عدم القناعة ولكن تعنى الأنس والوصول الى درجات اعلى حتى لمن وصل لدرجة متقدمة وتخبرنا ايضا انه لا حرج عن السؤال مهما كان السائل ومهما كان السؤال طالما ظل ذلك عن قلب سليم ، ولكن لو كان عن نفاق ورياء وكفر مستتر " أرنا الله جهرة" هنا تكون الكارثة "فأخذتكم الصاعقة" هذا جزاء المتخابث

------------------------


لو عدنا لتفسيري وفهمي الشخصي البسيط والمسطح للآيات ستجدنى ذكرت أن الآيات مترابطة والهدف واحد وهو اقرار حقيقة الا وهي "لا إكراه في الدين" وأشرت إلى ان ذلك يحدث فقط عندما يحدث "قد تبين الرشد من الغي" ، ومن ثم يكون هدف الآيات الحديث عن الإيمان وطرق ارشاد المولى عز وجل المؤمنين الى صحيح الإيمان ،  إني قد أزعم ان الله عز وجل يرشدهم إلى صحيح وجميل وقوى الإيمان معاً ، وذلك من خلال "فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها" وقوله تعالى "اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ" ، لو اعتبرنا ان الآيات تتمحور حول هذا الهدف

 يكون مرور الرجل الصالح المؤمن على القرية الخاوية المدمرة ، ووقوفه ليتسائل وليس ليستنكر عن كيفية إحياء الله هذه القرية ، وهو هنا لم ينكر قدرة الله وإنما تاقت نفسه لمعاينة صنيع الله ، وهنا مد الله له يده ليعاين صريح القدرة ، لذلك لم تشر الآيات للقرية مرة أخرى ولا إسم ولا بلد هذا الرجل الصالح ، لإن الهدف من العرض هو "قد تبين الرشد من الغي" ، ولما كان الرجل مؤمناً سليم الإيمان ، شاء الله ان يريه آياته فى الخلق وطريقة الصنع او الإنشاء لذلك كانت الآية "وإنظر الى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحماً " هنا هو عاين الخلق وكيف يكون فلم يعد لسؤال "أنى يحيي هذه الله بعد موتها" أي جدوى 

 لذلك لم يكن اسم الرجل أو اسم القري ذو أهمية اذا كان الهدف هو ما ذكرنا ، لذا رأى الشيخ سيد قطب ان عدم ذكر تلك المعلومات لا ينقص من عظمة الآيات وانما يضيف لها حيث انه لا يوجد حكمة من ذكرها لعدم اضافتها للهدف من الآيات ، ورأى أن تلك المعلومات لو كانت بأهمية ما كان المولى سيذكرها فى محكم آياته ، وذلك يبين ان القرآن ليس كتاب تاريخ ، وانما كتاب معلم وهنا تعرضنا لآيات تهدف إلى فهم " لا إكراه فى الدين" وفهم متى " قد تبين الرشد من الغي" وفهم الفارق بين الإيمان الحق وحتى ان شابه شئ والكفر البين وحتى ان تشابه على البعض

 ودعنا نذكر أن الآيات مكملة لقصة بنى إسرائيل الذين صادفوا "قد تبين الرشد من الغي" العديد من المرات ، فقد عاينوا معجزات نبي الله موسى السبع بل عايشوها ، وعايشوا شق البحر ، وعايشوا تفجر الماء من الصخور ، وعايشوا المن والسلوى  ... ثم أشركوا ومن العجل ، لذلك الآيات كانت مكملة لذلك المشهد العظيم من "قد تبين الرشد من الغي" والله أعلم

-------------------------


 الآيتين الآخيرتين ولنبدأ بالأولى

 قصة الرجل المؤمن الذي تاقت نفسه لمعاينة صنيع الله ، فمات لمدة 100 عام ، يا تُرى وهو قد خرق أحد نواميس الكون ، هل سيعود ليكمل باقى حياته!! والتى أعتقد انها انتهت بالفعل يوم مات أول مرة ، وحكمه سيكون كحكم أصحاب الكهف ، الذين بعثوا ليشهدوا ويشهدوا ، ثم انهم لم خرقوا ناموس الكون لم يعد بقائهم أحياءً يصلح ، لأنهم بذلك سيتحولون من دعاة هدايه إلى أشباه آلهة ، وهو يتنافى مع ما بعثوا من أجله ، من أجل ذلك كان خروجهم من المشهد بعد اتمام مهمتهم ضروري ، ولكن لأن الله اراد ان يشكر صنيعهم ، احياهم ليروا ما انجز بعد نومهم او موتهم ، وبالرغم من كونهم دعاة هداية إلا أن الناس قد أقاموا عليهم بنياناً ، او لنقل مقاماً بعد موتهم المرة الثانية ، ما أسرع تحول الإنسان والتفاته حول الحقيقة

 لذلك كون استكمال الحياة بعد خرق ناموسس كوني يتنافى مع العقل الصحيح والمنطق السليم الذي جبلت عليه الدنيا منذ خلقها الله سبحانه والتى نطلق عليها القوانين الفيزيائية ، كان الخروج من المشهد حتمي حتى يكمل الإنسان حياته ومساره المحكوم بقوانين عجيبة وضعها الله القدير سبحانه لتحكم حركة الكون ولتنظم أموره حتى يوم طى الكون فى يمين الجبار

 هل مات الرجل المؤمن مرة ثانية كما مات اصحاب الكهف ، ام انه خرج للناس يحدثهم بما مر به وبآلاء الله عليه ، لم يخبر القرآن هنا بما حدث ، وإن كانت قصة أصحاب الكهف تخبر بما قد يكون حدث للرجل المؤمن مع حماره

 سؤال ثان وماذا عن الحمار الذي خرق أيضاً ناموس من نواميس الكون ، هل مات هو أيضا ام خرج مع صاحبه بعد هذه الأعوام المائة ، وإن كان ايضا كلب اصحاب الكهف قد لقى نفس مصير أصحابه ومات معهم مرة ثانية

 هل تستشعرون معى حكمة الله فى انفاذ قوانينه مهما كان من سينفذ عليه القانون وذلك حتى تستقيم الحياة وفق قوانين محددة ، وهل تعتقدون معى أن حياة الإنسان قدر الله مسيرها نحو اختفاء العجزات رويداً رويداً حتى  اذا ما اصبح الإنسان قادراً على اكمال المسير وفق القوانين المحددة للكون وبدون اي تهديد على وجود الإنسان ذاته ، لأن الله سبحانه وتعالى عندما اوجد الإنسان وخلقه ، كان الخلق بهدف عبادة الله ، لذلك كانت بداياته وسط مخاطر معرضة البشر للفناء وهم فى بداية الطريق تحتاج لتدخل من السماء لنجاة هذا الكائن المسكين

 نقطة هامة ألم يخبر الله تعالى الملائكة بأنه سبحانه جاعل فى الأرض خليفة ، أو ليس الإستخلاف معناها القدرة على تسيير الأمور كما اراد لها صاحبها ، أو لا تعتقدون أنه عندما شب الإنسان قليلاً بدأ بالفعل الإستخلاف على الأرض ، وهنا لم يعد تدخل السماء وارداً لأن الإختبار الفعلي بدأ وهو القدرة على انفاذ مشيئة الله

 لو كنتم معى في هذا ، أو ليس الإستلخلاف يبدأ بعد كمال التمهيد والتربية والتدريب واكتمال نقل المسؤولية للمستخلف ، لو وافقتم على ذلك الا يعنى ذلك ان الإستخلاف الحقيقى بدا يوم انتهت الرسالة المحمدية ، لأن الأمر اكتمل للإنسان وتبين له الرشد من الغي ، وها نحن نعود إلى "قد تبين الرشد من الغي" ، ولكن للإنسانية جميعها وليس لأفراد

--------------------------


الإنسان ... خليفة الله فى الأرض


 يحكى قديماً أن رجلاً أنجب ثلاثة أطفال ، وكان له تجارة رائجة ومرت السنون وشب الأطفال قليلاً ويوماً قرر الرجل الذهاب في رحلة طويلة ، وقرر يومهاً ان يستخلف على تجارته ، فجمع أبنائه وأخبرهم بما قد انتوى ، وطلب منهم أن يديروا التجارة حتى يوم يعود فيسترجعها منهم ، فماذا كانت ردودهم!!

 الإبن الأكبر قال انه الأصلح لها لأنه الأقدر على إدراتها ، والأبن الأوسط قال انه يحسن معاملة الزبائن ، والإبن الأصغر قال انه صغير ولكنه يفهم جيداً ما يطلبه الأب  ويستطيع الحفاظ على التجارة رائجة وبدون ان تفسد او تضيع حتى يوم الساعة - ساعة عودة الاب - هكذا قال 

 الأب قرر خطة إدارة تجارته كالتالي

 طلب من الأبن الأكبر أن يتولى المسؤولية أولاً واعطاه دليل إدارة التجارة ، وطلب من الآخريين أن يشاهدا ما يفعل الإبن الأكبر ويتعلما منه ، وبالفعل تولى الإبن الأكبر المسؤولية لأنه كان - المختار - من قبل الأب فأدار التجارة متبعاً الدليل الذي اعطاه الأب ومرت الأيام

 وبعد فترة اراد الأب ان يعرف حقاً قدرة الأبن على إدارة التجارة فلم يعد يشارك في أخذ القرارات بل انه اصبح يراقب الإبن دون ان يتدخل ، ومرت الأيام ، فى بدايتها حافظ الإبن على الرجوع للدليل ، ثم بعد ذلك بدأ ينسى الدليل ، ثم أخيرا لم يعد يتبع الأوامر التى لا تعجبه ، وأصبح يغير ويبدل فى الدليل ، فكتب لنفسه بنفسه حقوقاً لم يشرعها الأب على حساب اخويه ، كل ذلك وهو متغافل عن أن الأب يراقبه

 لما أوشكت التجارة على الخراب لو سارت على نفس النهج إستدعاه والده وأخبره بصنيعه ، وطلب من الأبن الأوسط ان يكمل هو إدارة التجارة ، وطلب من الأبن الأصغر ان يشاهد ويتعلم من أخيه الثاني ، أما الأبن الكبير فطلب منه الأب الالتزام بما امر ، ولكنه رفض واعتزل الأسرة واصبح يكيد لأخوه الثاني المكائد حتى يفشل ، وبدون ان يعقل ان التجارة تجارتهم جميعاً ولو فسدت لماتوا جميعا من الجوع ، ولكن الأب اعطاه جزءً من التجاره له يديره لنفسه رحمة به على أن يسترجعه منه ايضا بعد عودته

 مرت الأيام والأبن الأوسط يدير التجارة بشكل ادهش الأب ، ولكن حدث نفس الأمر الأول بعد فترة وانتهى لما انتهى له أخوه واصبح على وشك افساد الأمر

 ثم لما رأى الأب أن التجارة ستفسد هكذا جمعهم وطلب من الإبن الأوسط ان يسلم مفاتيح المحلات للإبن الأصغر فما كان منه الا ان غضب وفعل نفس فعل الإبن الأكبر ، ثم أن الأب اعطاه جزءً يديره لنفسه أيضا وطلب استرجاعه منه يوم عودته ايضا

 ثم ان الأب جمع جميع اخطاء الإبنين فى كتاب وزاد عليه جميع الإرشادات اللازمة لنجاح التجارة ودعى الإبن الأصغر وعلمه كل تلك الأمور واعطاه الدليل وطلب منه أن يدير التجارة حتى يوم عودته ، وأخبره انه لو فشل الأخوين فى الحفاظ على ما تم منحهم اياه ، فالمطلوب منه هو ان يساعدهم ، حتى تبقى الأسرة على قيد الحياة وتبقى التجارة حتى الموعد المنتظر

 واجتمع الأب بالإبن الأصغر وأخبره ان اخويه يديران تجارتهما بطريقة خاطئة ولا يلتزمان بما علمهما ولا بالدليل الذي أعطي لهما ، ولكن طلب منه ان يتعاون معهما ويدعوهما الى استخدام منهج الأب وان يبين لهما الخير الذي سيعود عليهما ولكن لا يكرههما بعد ان يبين لهما

 وبقي الثلاثة مستخلفون على التجارة ، كل على جزء يديره ولكن الجميع مطلوب منهم أن يبقوا الأسرة على قيد الحياة وأن يعيدوا التجارة للأب عندما يعود وسوف يقوم الأب بمراجعة دفاترهم ويعطيهم اجرهم على ما بينته سجلاتهم


 هكذا الإنسان استخلفه الله سبحانه على الأرض ، والمطلوب منه ان يحافظ على ما استخلف عليه حتى يوم القيامة ، وما بعثة الرسل الا لإعادة البشرية لجادة الصواب كلما انحرفت فى اتجاه سيؤدى لفنائها ، وذلك حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، فلما ان وصلت الإنسانية لشبابها ونضجها وأصبحت لا يخشى عليها من الفناء بعد ان تبين الرشد من الغي وبعد ان تعلمت الإنسانية دروسها ودونت الإرشادات الواجب اتباعها فى التشريع القرآني الرباني ، اصبحت الإنسانية قادرة على إدراة امورها واصبحت فى وضع الجاهزية لممارسة الإستخلاف الكامل ، وهنا توقف بعثة الرسل


 الحكاية فقط توضيحية واعوذ بالله من الذلل ، وإن كان ثمة خطأ فمنى ومن الشيطان


--------------------------


عودة إلى ... الإيمان والعقلانية ... منهج قد تبين الرشد من الغي


أريد ان أوضح أننا نتحدث عن موضوعين متداخلين وهما كالتالي

الأول : تمثله "قد تبين الرشد من الغي" الصغرى وهو بيان الرشد من الغي لكل أمة وهذه قام بها الرسل عليهم السلام جميعا كل لأمته ، وهذا لا خلاف عليه ولا أختلف معك حوله ، فكل امه قد بعث فيها رسولها ليبن لها ، وهذا مصدق قوله "إنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ (24)" فاطر  صدق الله العظيم 


الثاني: وهو لى الأعظم لأنه مرتبط بالبشرية نفسها ومسارها من يوم خلقها إلى يوم القيامة ، وهنا نتحدث عن مفهوم آخر  لـ "قد تبين الرشد من الغي" ، الا وهو مفهوم تبيان طرق الرشد الذي يجعل الإنسانية تكمل مسارها وبدون أن تكون معرضة نفسها للدمار والهلاك بعد ان استوفت طرق الإرشاد ووصلت ألى آخر طريق الإرشاد عن طريق الرسالة المحمدية على محمد افضل الصلوات والتسليمات ، وهنا وصلت الإنسانية للنضج الذي يؤهلها لبدء إدارة الأرض بالشكل الذي يريده صاحب الأرض والسماء ، انا هنا اتحدث عن البشرية بشكل كامل وليس أمة محددة

 لذلك ما كنت اطرحه ان "قد تبين الرشد من الغي" الصغرى ولكل أمة ماكانسوى تدريب لهذا الجنس البشري وتقويم للإنحراف وخاصة فى أول وجوده على الأرض حتى إذا ما بعث الرسول محمد وصلت البشرية ألى نضجها وهنا بات بعثة رسل آخرين أمراً مستبعداً ، فكان الرسول محمد عليه الصلاة والسلام هو خاتم المرسلين ، وتفسيري هذا هو مصداق لحديث الرسول الكريم "إِنَّ مَثَلِى وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِى كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ ، إِلاَّ مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ وَيَعْجَبُونَ لَهُ ، وَيَقُولُونَ هَلاَّ وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَة ُقَالَ فَأَنَا اللَّبِنَةُ ، وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ " ، ومن هنا ارى ان هذا البيت هو كان الهدف من بعثة الرسل والأنبياء وهذا البيت هو الإنسان نفسه أو لنقل الجنس البشري

 لذلك كان رأيي فى الإستخلاف الحقيقى (راجع القصة التوضيحيه) بدأ بعد نضج الإنسانية الكامل برحلة ال 23 عام عمر الوحى على الأرض فى عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، وكذلك انتهاج الدعوة نهجاً بشرياً عقلانياً خلال ال 23 عام ، لأن هذا تدريب على ما يجب على الإنسان ان يفعل باقى حياته على الأرض والأدوات الواجب استخدامها


ارجو ان اكون قد اوضحت فهمى لـ "قد تبين الرشد من الغي" وإن كان ثمة خطأ فأرجو العذر وجزى الله عنى خيرا رجلاً اهدى إلى خطأي


--------------------------------------------------------------


أعجب عرض مبادلة في التاريخ

 ماذا لو طلبت منك عزيزي القارئ مبادلة ساعتك السواتش ذات العقارب بساعتى السواتش الرقمية الجديدة ذات الشاشة التى تعمل باللمس ، هل تعتقد ان هذا العرض مناسب ، سأمنحك فرصة لتفكر ، ثم بعد ذلك عندما يظهر عليك علامات عدم الرضا ، وقبل ان تهم برفض العرض ، سأعرض عليك مرة أخرى نفس العرض الأول على أن أزيدك مائة جنيه ، ستتوقف مرة أخرى لتفكر ، وستسترجع في عقلك ثمن الساعة الأصلى وكم مرة أصلحتها وكم ثمن الساعة المعروضة الأخرى وما هي حالتها ، وسوف تفكر مرة اخرى لو كانت الساعة التى تملكها مرتبطة بحادث أو حدث ما كأن تكون هدية من عزيز مثلاً ، وعندما تهم لتنطق ، سوف اراقب ملامحك وقبل أن ترفض ، سأعرض عليك أن ازيد العرض مرة اخرى خمسمائة جنيه ، وقتها بالتأكيد ستعيد التفكير مرة اخرى وغالباً ستقبل

 لكن هناك عرض مبادلة قُدٌم في صدر التاريخ الإسلامي سأصنفه على أنه اعجب عرض مبادلة في التاريخ بأسره ، تعالوا معي نستعرض تفاصيل ذلك العرض العجيب

العرض

 فاضت روح سيف الله المسلول خالد بن الوليد رضي الله عنه وارضاه - قائد غزوة مؤته - في العام الواحد والعشرين للهجرة في حمص بالشام على فراشه ، وترك تركته لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب وهي سيفه وفرسه ... يا الله ... ، العرض الذي نحن بصدده يخص أخوه واسمه عمارة بن الوليد بن المغيرة المخزومي ، وهو عرض مبادلة رجل برجل ولكن ليس بأي رجل ، عو عرض مبادلة رجل كافر بآخر مسلم ، ولكن ليس بأي مسلم ، هو عرض مبادلة رجل كافر ، برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولماذا؟؟ حتى يقتل كفار قريش رسول الله فتنتهي الدعوة ... هل هناك عرض يمكن ان يصنف على انه اعجب عرض مبادلة في التاريخ من ذلك!! ... دعونا نستعرض تفاصيل الحدث

 لما أسلم حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه أسلم في أواخر السنة السادسة من البعثة وتبعه بثلاث أيام فقط إسلام عمر بن الخطاب ، انتقلت الرسالة بهما لمرحلة الجهر وخرج المسلمون الى الكعبة في صفين على رأس كل منهما احد البطلين ، رأت قريش أن الدين الجديد بدأ يجذب إليه رؤوس القوم وليس الفقراء والمستضعفين فقط ، وكان موسم الحج قد بدأ ، خافت قريش ان يتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخاطب العرب في موسم الحج وبذلك يخرج أمر الدين الجديد عن سيطرة قريش ، فبدأت تتفاوض مع الرسول ومع عمه أبي طالب للوصول لحل ينهي هذه الدعوة قبل ان تخرج خارج مكة ، خوفاً من انتشار الإسلام

 وجدت قريش أنها لا تستطيع النيل من الدعوة وصاحبها محمد صلى الله عليه وسلم بسبب حماية عمه ابي طالب له ، فقررت التفاوض مع ابي طالب نفسه ، وندبوا وفداً للتفاوض معه ن ولكن ابو طالب ردهم دون ان يجيبهم لما طلبوا ، فرجعوا مرة أخرى بعد فشل المحاولة الأولى ولكن هذه المرة قاموا بتوجيه تهديد شديد لأبي طالب أنه ان لم يمنع محمد صلى الله عليه وسلم من الدعوة لدينه فإنها الحرب حتى يهلك احد الفريقين ، ولكن ابو طالب لما اخبره الرسول الكريم بأنه لن يترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو يهلك دونه ، اسقط في يده ولم يرفع حمايته عن الرسول بل ناداه ابو طالب وقال له : اذهب يا ابن اخى فقل ما احببت فوالله لا أسلمك إلى شئ تكرهه ابدا

 لما رأت قريش عدم استجابة ابي طالب لها قررت ان تعقد صفقة مع أبى طالب علها تُقبل ، فاختاروا أقوى شباب قريش وأجملهم وأشعرهم وهو عماره بن الوليد ، وذهبوا به إلى أبى طالب ليسلموه له ليتخذه ولدا فى مقابل ان يسلمهم محمداً ليقتلوه فقال لهم أبو طالب : لبئس ما تسوموننى به أتعطونى إبنكم أغذية لكم واعطيكم ابنى لتقتلوه وهذا والله لا يكون أبدا

 كان نهاية فشل هذه المبادلة الحصار الذي فرضته قريش على بني هاشم وبنى عبد المطلب في شعب أبي طالب مؤمنهم وكافرهم إلا أبا لهب ، وكان ذلك في السنة السابعة للبعثة ، ولمدة ثلاث سنوات بعد تعليق صحيفة المقاطعة في داخل الكعبة حنى كاد القوم يهلكون جوعاً

 تلك كانت أغرب صفقة تبادل في التاريخ


-------------------------------------------------------------------



لو سألتك عزيزى القارئ هل تصلي ، لو كانت اجابتك بلا ، سأخبرك انك يمكنك ان تجرب الصلاة حتى تستطيع استشعارالموضوع الذي نحن بصدده ، ولو كنت ربة منزل سأسألك هل تجيدين الطبخ ، إن كنت تجيدين الطبخ سأنصح بالتأكيد بعدم وضع صينية البطاطس باللحم في الفرن قبل آذان العصر بعشرة دقائق ، وعدم وضع الأرز على النار قبل العصر ب 20 دقيقة ، وإن كنت لا تجيدين الطبخ سأنصحك بقناة فتافيت فهي بحق رائعة ، وإن كنت تملكين أيباد سأنصحك بكل تأكيد بتنزيل تطبيق  مطبخ منال العالم

 ولكن؟ ماعلاقة تلك المقدمة ذات الرائحة النفاذة بالصلاة ؟

 أخبركم عن قصة المال وهي قصة ذلك الرجل الذي جاء إلى الإمام أبى حنيفة وقال له: منذ مدة دفنت مالاً في مكان ما، ولكني نسيت هذا المكان،  ونصحه الإمام أن يذهب ليصلي حتى يطلع الصبح، ليتذكر مكان المال.فذهب الرجل، وأخذ يصلي. وفجأة، وبعد وقت قصير، وأثناء الصلاة، تذكر المكان الذي دفن المال فيه، فقطع صلاته وأسرع وذهب وأحضره.وفي الصباح جاء الرجل إلى الإمام أبى حنيفة ، وأخبره أنه عثر على المال، وشكره ، ثم سأله: كيف عرفت أني سأتذكر مكان المال ؟! فقال الإمام: لأني علمت أن الشيطان لن يتركك تصلي ، وسيشغلك بتذكر المال عن صلاتك.

 لذلك سيدتى لو وضعت الطعام على النار وذهبت للصلاة فتأكدي أن الشيطان سيستمتع وهو يرهق صلاتك بالعديد من الأفكار ، فمرة ستسألين نفسك هل وضعت الملح وهل هو كاف ، ومرة أخرى ، هل درجة الحرارة مضبوطة ، ومرة ثالثة قد تكون المياة جفت واللحم على وشك الإحتراق ، ... لذلك كانت نصيحتى بأعلى ، ولكن هناك حادثة في تاريخ الإسلام لمن قاموا يصلون وعبثاً حاول الشيطان معهم ولكن كفر الشيطان بإغوائهم


يصاب بثلاثة أسهم وهو قائم يصلي لا يصرفه عن صلاته شئ

 لما قضى الله للمسلمين صلح الحديبية ،وعاد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ليتعامل مع التهديدات التى تحيط بالدولة الناشئة ، كان منهم قبيلة غطفان ، التى عاونت الكفار يوم الإحزاب ، وكانت تتربص بالمسلمين ، في العام السابع للهجرة ، وقعت غزوة ذات الرقاع ، لتأديب هذه القبيلة ، وفي طريق عودة المسلمين أسروا إمراة ، ولما علم زوجها أقسم انه يهريق دماء المسلمين ، ولما أن دخل الليل تسلل لموقع جيش المسلمين ، وكان قائماً على الحراسة الصحابي عباد بن بشر رضي الله عنه في نوبته وقد قام يصلي اثناء نوبة الحراسة ، فلما أبصره زوج المرأة يصلي ضريه بالسهم فأصابه ، فنزع عباد السهم واكمل صلاته ، ثم رماه مرة أخرى فأصابه ،  فنزعه عباد وأكمل صلاته ، ثم لما رماه المرة الثالثة فأصابه خاف عباد أن يقتل فأيقظ صاحبه فى الحراسة الصحابي عمار بن ياسر رضي الله عنهما ، فلما سأله عمار لما لم توقظني لما أصبت اول مرة ...  قال له عباد رضي الله عنه ... كنت في سورة من القرآن كرهت أن أقطعها

 هكذا كانت صلاتهم ... رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وصدقهم الله ما وعدهم ... وسئم الشيطان من غوايتهم



-------------------------------------------------------------------


صوم الست من شوال .. الحكمة الغائبة


فسر العلماء صيام رمضان وبعده الست من شوال أنها تعدل العام كله بحسبة اليوم بعشرة 36 تعادل 360 يوم ، وهو العام كاملاً ... ولكنى اراه تفسيرا مبتوراً لأن العام 365 يوم وربع يوم شمسي و353 وربع يوم قمري ... فأنا اراه لوى لعنق الحديث ... ولكن الحديث له حكمة أسمى 

 إذا ما معنى صيام الدهر المذكور فى الحديث

تفسير شخصي

 لو عرفنا الصيام على أنه صوم عن الشهوات بالإمتناع عنها ، ثم محو الذنوب السابقة بالعبادات ، نخلص إلى أن الصوم يحمي الإنسان ويجعله على طريق الهداية قائماً ، وهذا ما جاء فى حديث الزواج عن الرسول الكريم صلوات الله وتسليماته عليه ... " فمن لم يستطع فعليه بالصيام فإنه له وجاء" اي وقاية

 الآن حكمة بدء رمضان هو القطع .. قطع جميع العادات السيئة ... فالصوم ليس الإمتناع عن الأكل والشرب ولكنه احوى من ذلك ، مع أرباك كل اجهزة الجسم حتى لا يستطيع العقل التركيز فى المعصية ، مع تدعيم الروح بالعبادات المستمرة 

 نأتي لحكمة إنتهاء الصوم ... التغيير المفاجئ بعد المنع لفترات طويلة يؤدي إلى العودة بنهم وشهوانية أكثر من الأول ، لذلك كان التدرج هو المنهج الرباني فى الفطر ، ففطر يوم العيد واجب ... لأنه يوم الإفراج عن كل الشهوات دفعة واحدة ... وحتى لا تنتكس الروح ، يكون التدرج مطلوب وصيام الستة أيام هنا لوقاية الأنسان نفسه من تلك النكسه فيكون الإفراج عن الشهوات مقنناً ، وبذلك يستطيع الإنسان فرض سيطرته على شهواته كامل العام القادم ، أي انه صام عن شهواته الدهر كله بسبب المنهج الحكيم فى الإفراج عنها ... فما أن ينتهى العام حتى تبدأ دورة جديدة ... وهكذا حتى نهاية عمره ... فيكون صام دهره هو اى عمره هو 

نخلص إلى أن منهج بدء أمر صعب ... يكون بالإمتناع الفورى عنه ثم الإنشغال عنه وإحلال بديل له ويفضل أن يكون أعظيم قيمة ، وعند السماح يجب السماح المتدرج لعدم الإنتكاس  ... جرب ذلك عزيزى القارئ فى تخفيض الوزن ، او تخفيض السكر فى الدم، أو الضغط ، أو الأملاح

 والله أعلى وأعلم


-------------------------------------------------------------------

اليهودية من منظور إسلامي

بلا موعد وبلا تخطيط وجدتني أغوص فى تاريخ علاه التراب وقصرت عنه الهمم ، وخاصة مع تغييب القبر لكتاب عماليق كانوا يحملون هم التنقيب والبحث والتمحيص فى آثار الأقدمين وكتاباتهم وما خلفوه من إشارات ، ولكن بغياب هؤلاء الذين تفرغوا ونذروا حياتهم للبحث هدأت روح الباحث ، وأزعم أن امة لا تبحث فى تاريخها هي أمة لا يجدر بمستقبلها أن يفخر بها ، وتهون على أعدائها ، فهى أمة لا درس وعت ولا منجزات حفظت ولا آثار خلفت

هكذا وجدتنى التقط كتب التاريخ التى تتناول تاريخ إسرائيل بغرض فضح إدعائاتهم ، ورحت اتصفح احداث التاريخ الذي تناولته تلك الكتب ، ولكنى توقفت مرات قبل الشروع في الكتابة فى هكذا موضوع ، لأنى تحرجت أن اهاجم أموراً وأفعالاً قام بها هؤلاء وأنا كمسلم على يقين وإيمان أنها تمت بناءً على أوامر الله عز وجل ، وهنا تكمن المعضلة ، فعندما يصطدم الإيمان بالهدف ... نصاب بالشلل ، ولكنى بعد تردد استحضرت روح الكاتب والمفكر الإسلامي الراحل خالد محمد خالد حينما ذكر فى مذكراته أنه هناك فارق بين الحقيقة وسلوك الحقيقة

والحقيقة هنا أن اليهودية ديانة سماوية يؤمن بها كل مسلم ، وسلوك الحقيقة هي السلوك الذي اتخذه اليهود منذ قدم التاريخ ومنذ أن أختارهم الله وفضلهم على كثير من الناس فكان منهم أغلب الأنبياء والرسل ، ولكنهم لم يحملوا الحقيقة كما ينبغى لها بل شوهوها وبدلوها واخفوا وأظهروا منها وكتبوا وعدلوا فيها وادعوا انه من منزل من عند الله ، كل ذلك لخدمة مصالحهم فقط

لما تبين لي ذلك عزمت المضي فى الموضوع الآخر الخاص بتتبع تاريخ إسرائيل ، ولكنى اصطدمت بجهلى الشديد كمسلم بما تحويه الديانة اليهودية ، والتى من الواجب أنى كمسلم أؤمن بها وأؤمن بأنها والمسيحية والإسلام قد أنزلوا من السماء فكانت احداهم تكمل الأخرى وكان الدين عند الله الإسلام والحنفية التى آمن بها إبراهيم عليه السلام وتعبد الله عليها ، فلما أراد الله انهاء الرسالات كان رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام وكان الإسلام هو الدين الخاتم الكامل المانع الفاضح ، الفاضح لما تم فى الحقبة التى سبقته من تعديل وتبديل

لذا كان هذا الموضوع الرامي لفهم التشريعات الإسلامية ومقارنتها بمثيلاتها فى الديانة اليهودية معتمداً فى ذلك على ما ورد فى العهد القديم وما ورد فى القرآن والسنة ، وفى بعض الحالات سأورد تأثير البيئة المحيطة على التشريعات التى يتم عرضها


-------------

المحيض ... النفاس ... العقيقة


Quote
الكتاب المقدس - العهد القديم
سفر اللاويين - الإصحاح الثاني عشر

12: 1 و كلم الرب موسى قائلا
12: 2 كلم بني اسرائيل قائلا اذا حبلت امراة و ولدت ذكرا تكون نجسة سبعة ايام كما في ايام طمث علتها تكون نجسة
12: 3 و في اليوم الثامن يختن لحم غرلته
12: 4 ثم تقيم ثلاثة و ثلاثين يوما في دم تطهيرها كل شيء مقدس لا تمس و الى المقدس لا تجيء حتى تكمل ايام تطهيرها
12: 5 و ان ولدت انثى تكون نجسة اسبوعين كما في طمثها ثم تقيم ستة و ستين يوما في دم تطهيرها
12: 6 و متى كملت ايام تطهيرها لاجل ابن او ابنة تاتي بخروف حولي محرقة و فرخ حمامة او يمامة ذبيحة خطية الى باب خيمة الاجتماع الى الكاهن
12: 7 فيقدمهما امام الرب و يكفر عنها فتطهر من ينبوع دمها هذه شريعة التي تلد ذكرا او انثى
12: 8 و ان لم تنل يدها كفاية لشاة تاخذ يمامتين او فرخي حمام الواحد محرقة و الاخر ذبيحة خطية فيكفر عنها الكاهن فتطهر


تعتبر المرأة نجسة - لا يقربها زوجها - فترة الطمس وفترة النفاس فى اليهودية والإسلام

نفاس المرأة فى اليهودية 40 يوماً فى حالة ولادة ذكر و 80 يوماً فى حالة ولادة بنت
فى الإسلام نفاس المرأة هو 40 يوماً على ما أجمع أكثر العلماء ... وفى الإسلام تعتمد بعض التشريعات على ذلك فمثلا لا يجوز طلاق المرأة فى فترة نفاسها أو حيضها
علميا يحتاج الرحم لفترة 6 أسابيع حتى ينضمر ويعود لحجمه الطبيعى قبل الحمل

ختان الذكر يتم بعد اسبوع من ولادته فى اليهودية ، وفي الإسلام عقّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين وختنهما لسبعة أيام

العقيقة واجبة فى الديانتين ، وإن كان الإسلام نص أن العقيقة عن الذكر شاتين والبنت شاة واحدة وذلك كما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

-------------------------
المحــــارم


Quote
الكتاب المقدس - العهد القديم
سفر اللاويين - الإصحاح الثامن عشر

سطر 18: 7 عورة ابيك و عورة امك لا تكشف انها امك لا تكشف عورتها
سطر 18: 8 عورة امراة ابيك لا تكشف انها عورة ابيك
سطر 18: 9 عورة اختك بنت ابيك او بنت امك المولودة في البيت او المولودة خارجا لا تكشف عورتها
سطر 18: 10 عورة ابنة ابنك او ابنة بنتك لا تكشف عورتها انها عورتك
سطر 18: 11 عورة بنت امراة ابيك المولودة من ابيك لا تكشف عورتها انها اختك
سطر 18: 12 عورة اخت ابيك لا تكشف انها قريبة ابيك
سطر 18: 13 عورة اخت امك لا تكشف انها قريبة امك
سطر 18: 14 عورة اخي ابيك لا تكشف الى امراته لا تقترب انها عمتك
سطر 18: 15 عورة كنتك لا تكشف انها امراة ابنك لا تكشف عورتها
سطر 18: 16 عورة امراة اخيك لا تكشف انها عورة اخيك
سطر 18: 17 عورة امراة و بنتها لا تكشف و لا تاخذ ابنة ابنها او ابنة بنتها لتكشف عورتها انهما قريبتاها انه رذيلة
سطر 18: 18 و لا تاخذ امراة على اختها للضر لتكشف عورتها معها في حياتها
سطر 18: 19 و لا تقترب الى امراة في نجاسة طمثها لتكشف عورتها
سطر 18: 20 و لا تجعل مع امراة صاحبك مضجعك لزرع فتتنجس بها
سطر 18: 21 و لا تعط من زرعك للاجازة لمولك لئلا تدنس اسم الهك انا الرب
سطر 18: 22 و لا تضاجع ذكرا مضاجعة امراة انه رجس
سطر 18: 23 و لا تجعل مع بهيمة مضجعك فتتنجس بها و لا تقف امراة امام بهيمة لنزائها انه فاحشة


Quote
النساء
من الاية 23 الى الاية 23

يقول تعالى
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً (23) صدق الله العظيم


المحرمات بالقرابة في شريعة الإسلام أربع طبقات كالتالي

أولاها:أصوله مهما علوا . فيحرم عليه التزوج من أمه وجداته من جهة أبيه أو من جهة أمه مهما علون: (حرمت عليكم أمهاتكم) الآية
وثانيتها:فروعه مهما نزلوا . فيحرم عليه التزوج ببناته وبنات أولاده ذكورهم وإناثهم مهما نزلوا:(وبناتكم) الآية
وثالثتها:فروع أبويه مهما نزلوا . فيحرم عليه التزوج بأخته وببنات إخوته وأخواته وببنات أولاد إخوته وأخواته: (وأخواتكم). .(وبنات الأخ , وبنات الأخت) الآية
ورابعتها:الفروع المباشرة لأجداده . فيحرم عليه التزوج بعمته وخالته , وعمة أبيه وعمة جده لأبيه أو أمه , وعمة أمه وعمة جدته لأبيه أو أمه . . (وعماتكم وخالاتكم). . أما الفروع غير المباشرة للأجداد فيحل الزواج بهم . ولذلك يباح التزاوج بين أولاد الأعمام والعمات وأولاد الأخوال والخالات

والمحرمات بالمصاهرة خمس:
1 - أصول الزوجة مهما علون . فيحرم على الرجل الزواج بأم زوجته , وجداتها من جهة أبيها أو من جهة أمها مهما علون . ويسري هذا التحريم بمجرد العقد على الزوجة:سواء دخل بها الزوج أم لم يدخل: (وأمهات نسائكم). .
2 - فروع الزوجة مهما نزلن . فيحرم على الرجل الزواج ببنت زوجته , وبنات أولادها , ذكورا كانوا أم إناثا مهما نزلوا . ولا يسري هذا التحريم إلا بعد الدخول بالزوجة: (وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن . فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم). .
3 - زوجات الأب والأجداد من الجهتين - مهما علوا - فيحرم على الرجل الزواج بزوجة أبيه , وزوجة أحد أجداده لأبيه أو أمه مهما علوا . . (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف). . أي ما سلف في الجاهلية من هذا النكاح وقد كانت تجيزه . .
4 - زوجات الابناء , وأبناء الأولاد مهما نزلوا . فيحرم على الرجل الزواج بامرأة ابنه من صلبه , وامرأة ابن ابنه , أو ابن بنته مهما نزل: (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم). . وذلك إبطالا لعادة الجاهليةفي تحريم زوجة الابن المتبني . وتحديده بابن الصلب . ودعوة أبناء التبني إلى آبائهم - كما جاء في سورة الأحزاب .
5 - أخت الزوجة . . وهذه تحرم تحريما مؤقتا , ما دامت الزوجة حية وفي عصمة الرجل . والمحرم هو الجمع بين الأختين في وقت واحد: (وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف). . أي ما سلف من هذا النكاح في الجاهلية وقد كانت تجيزه

ويحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب والصهر . وهذه تشمل تسع محارم

1 - الأم من الرضاع وأصولها مهما علون: (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم) الاية
2 - البنت من الرضاع وبناتها مهما نزلن ، وبنت الرجل من الرضاع هي من أرضعتها زوجته وهي في عصمته
3 - الأخت من الرضاع , وبناتها مهما نزلن (وأخواتكم من الرضاعة) الآية
4 - العمة والخالة من الرضاع ، والخالة من الرضاع هي أخت المرضع . والعمة من الرضاع هي أخت زوجها
5 - أم الزوجة من الرضاع [ وهي التي أرضعت الزوجة في طفولتها ] وأصول هذه الأم مهما علون . ويسري هذا التحريم بمجرد العقد على المرأة - كما في النسب
6 - بنت الزوجة من الرضاع [ وهي من كانت الزوجة قد أرضعتها قبل أن تتزوج بالرجل ] وبنات أولادها مهما نزلوا . ولا يسري هذا التحريم إلا بعد الدخول بالزوجة
7 - زوجة الأب أو الجد من الرضاع مهما علا ، والأب من الرضاع هو من رضع الطفل من زوجته . فلا يحرم على هذا الطفل الزواج بمن أرضعته فحسب , وهي أمه من الرضاع . بل يحرم عليه كذلك الزواج بضرتها التي تعتبر زوجة أبيه من الرضاع
8 - زوجة الابن من الرضاع مهما نزل
9 - الجمع بين المرأة وأختها من الرضاع , أو عمتها أو خالتها من الرضاع , أو أية امرأة أخرى ذات رحم محرم منها من ناحية الرضاع

والنوع الأول والثالث من هذه المحرمات ورد تحريمهما نصا في الآية . أما سائر هذه المحرمات فهي تطبيق للحديث النبوي:" يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب " . . أخرجه الشيخان 



عند قرائتى للإصحاح لم أقف عند معنى كلمة كشف العورة فقط وإنما تعديتها للمعنى الباطنى من التحريم لأنه قد تكون الترجمة الحرفية للنص قد أخلت بالمعنى الأساسي ، فتخطيت ذلك إلى المعنى الباطنى والمقصود من النص من أنه تحريم الزواج لأن النص قد نص صراحة على تحريم الزنا

نلاحظ شبه تطابق فى المحارم والمحارمات وإن كان الإسلام أشمل وأحوى ، ونلاحظ تحريم الزنا فى اليهودية كما فى الإسلام ، ونلاحظ تحريم الشذوذ فى الإثنين ، وتحريم المرأة فى محيضها ، لكن الإسلام ذهب بعيداً بتحريم الإخت من الرضاعة بما يحرم من المصاهرة ولله في ذلك حكمة



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق