السبت، 16 مارس 2013

المهرج والحركة الأخيرة

المهرج والحركة الأخيرة


على أطراف غابة الحكماء حيث نصب السيرك كان المهرج فى أبهى ملابسه وهو يضع أطنان من مساحيق التجميل على وجهه حتى تظهر الضحكات المصطنعة للجمهور الجالس بالأسفل بعيداً ينتظر الحركة الأخيرة للمهرج دوماً ، كان المهرج يجري ويقفز على الحبل المرتفع بخفة ورشاقة جعلت الجماهير في كل مرة تتحمس للدفع له بسخاء ، واعتاد المهرج العودة لموضع كرسيه عند حافة الحبل اليمنى ليستريح دوماً قبل أن يواصل عرضه اليومي

وفى أحد الأيام أعلنت إدارة السيرك أن المهرج سيقوم بالرقص على الحبل بدون توقف ولن يسمح له بالرجوع إلى الكرسي الموضوع على يمين الحبل كعادته ليستريح ... وكذلك لن يسمح له بالوصول إلى الكرسي الموضوع على الطرف الآخر للحبل ... وسيظل هكذا يرقص ويرقص طوال الوقت ... حتى يؤدى الحركة الآخيرة التى يسقط بعدها من فوق الحبل الشاهق الأرتفاع ... ولرفع درجة حرارة العرض فإنه تقرر الإستغناء عن شبكة الآمان وسمح للجمهور الحاضر وللمرة الأولى في تاريخ السيرك بالصعود إلى حلقة السيرك لمن يشاء أن يتلقف المهرج عند سقوطه بعد الحركة الآخيرة

ظل المهرج يرقص ويرقص وبين الوقت والآخر تعلو ضحكته حتى يسعد المشاهدين ، لم يتوقف طوال الليل عن الرقص على الحبل لم يكن يستسلم للتعب كل ما شغل عقله وقتها أن يمنحه الجمهور مبلغاً كبيراً من المال يؤمن الحياة الكريمة لأولاده ، كان المهرج بارعاً لذلك لم يكن ليفكر أنه قد يسقط فى أي وقت فيلقى حتفه  ... لكنه فكر أنه لو رقص ليلة كاملة سيؤمن مبلغاً من المال لشراء منزل لأولاده ، ولو رقص يوما وليلة سيشتري لهم سيارة ، ولو واصل أكثر سيلحقهم بأحد النوادى الراقية ، ولو واصل شهراً كاملاً سيؤمن لهم وديعة فى البنك تغنيهم طوال عمرهم

ظل المهرج يرقص ويرقص ... لم يتوقف أبداً ، لم يسترح ، ولم ينم أي دقيقة ... ولم يصل إلى أى جهة من الجهتين ... وعند الفجر خارت قواه وأنهك جسده وأصيب بأزمة قلبية ... وسقط من فوق الحبل ميتاً ، تحولت سعادة الجمهور لغضب كونه سقط ميتاً ولم يستطع أحدهم تلقفه  ، انصرفوا على أثر ذلك بدون أن يدفعوا للمهرج الراحل أية أموال

يقول الحكيم ... قد ندفع حياتنا ثمناً للاشئ ، فقط للرقص بين حافتين ولا نصل إلى إحداهما أبداً ، قد ندفع أرواحنا بلا مقابل ذلك عندما يكون الأمل والحلم أكبر من قدراتنا  ... هذا ما فعله المهرج بالفعل ولا ندري مصير أولاده  الآن


الأحد، 10 مارس 2013

النهر


النهــــر


يحكى أنه فى غابة الحكماء يوجد نهر خفي من يستطيع الوصول إليه والشرب منه والتطهر بها يتحول إلى كائن شفاف ، وكانت حيوانات الغابة قد اعتادت أن يزورهم دوما طائر الهدهد الكبير كل عدة اعوام ليدلهم على مكان ذلك النهر ، وكانت تتبعه جميع آكلات العشب والقليل من الأسود ونادراً ما تبعه الذئب ولم تتبعه الزواحف ابداً حتى تعرف مكان ذلك النهر ، ولما رأت الأسود ان تلك الحملان والغزالات بدأن فى التحول الى ارواح نورانيه بعد رحلة الإغتسال بدأت الأسود تخشى ضياع الملك وبدأت الذئاب تتعاهد على التخلص من كل الحيوانات التى تحولت بالفعل وقامت كل الثعابين بنفخ سمها فى كل مكان على الطريق الذي تسلكه الحيوانات فى اتجاه النهر وحفرت الضباع حفراً كثيرة على الطريق وأخفتها بمهارة بالقش حتى تصير فخاخاً للحيوانات .. وبدأ الصراع يشتد فى الغابة بين الفريقين .... ومرت سنوات كثيرة ولم يعد الهدهد أبدا إلى الغابة ولكنه قبل أن يختفى للأبد كان قد حفر طريقاً نحو النهر ونزفت جراحه خلال ذلك كثيراً ليدل الحيوانات المسكينة نحو النهر

تحكى السلحفاة الحكيمة أن قليلاً هم العشاق الذين يحبون أن يتطهروا ودوما هم يبحثون عن علامات ذلك الطريق حتى إذا ما وصلوا إليه وشربوا منه لم يكن لهم الا أن يتحولوا الى أرواح نورانية تندمج فى جسد واحد وتحلق بعيدا ناحية الشمس فى رحلة لا رجوع منها مودعة آلام الغابة 



الجمعة، 25 يناير 2013

رسائل سندريلا .. الرسالة الأولى

ذات صباح عاد الأمير من السوق مبكراً ، لم يكن ليقدر على البقاء بعيداً عن زوجته الغالية سندريلا ، ولكن كانت الزوجة تمارس عطائها اللامحدود حيث أعدت الطعام وذهبت به إلى المرأة وأبنائها ، وقضت الصباح تقضي لهم حاجاتهم ... كان ذلك هو طقس الصباح بعد خروج زوجه لعمله ، ولم تكن لتخبره بذلك

لما عاد الزوج العاشق للبيت كاد يذهب عقله عندما اصطدم قلبة بغياب حبيبته ، وعندما جلس على الفراش الذي وضع على الأرض ، وكان يجمعه بزوجته ومعشوقته ، وفي شوق تحسس موضعها ، عثر على عدة رسائل كانت قد طويت بعناية ووضعت أسفل الغطاء ، ولما فتح الرسالة الأولى ... كانت المفاجأة ان تلك الرسائل كانت تكتبها زوجته له كل صباح منذ التقاها على شاطئ البحر ومنذ جمع بينهما قدر اختاره هو بنفسه ... فكان أحب أقداره لنفسه

خطت سندريلا فى الرسالة الأولى بدموعها قبل قلمها ، بل انه شعر انها كتبتها بدمائها ... كتبت 

صباح الليل أيها الحبيب الغالي ... وكل ليالى اصبحت صباحات رائعة  منذ عشقتك ايها الزوج الحبيب
بعد ليلة لم تكتحل عيناي فيها بالنعاس ، أجلس هنا أعد الدقاق التى تفصلنى عنك ، فاليوم سألتقيك للمرة الثانية .. ومع ذلك أشعر بتوتر وقلق المرة الأولى ولا أعرف السبب .. خيالات كثيرة تتلاعب بأفكاري ... أتخيل النظرة الأولى وكيف ستستقبل عيوني دفء عينيك ، أتخيل اللمسة الأولى وكيف ستصافح كفي يديك  ... أتخيل الحضن الأول ... القبلة الأولى وكيف سيستقبل جسمي تلك الطاقة العشقية فى هذا الصباح الأثيري الفتان .. بل كيف ستستقبلك روحي المتيمة بك في لقاء غرامي ترتب له الأقدار بطريقة عجيبة 

حبيبى ... حين يتنفس صباحي هواء حضورك ، يتمدد في يومي ربيع يغرقني فى تفاصيل تشبه النعيم 

أحبك جداً

إمضاء
زوجتك العاشقة


الأربعاء، 23 يناير 2013

سندريلا بلا حذاء

لما بدأ الحكيم يروى قصة الجميلة سندريلا بدأ الحضور ترتسم على وجههم علامات التعجب والذهول عندما قال الحكيم ... إن سندريلا لم تفقد حذائها عندما غادرت الحفل فى التوقيت الذي حددته لها الساحرة

يقول الحكيم ... يا أولادي الأغنياء غيروا وبدلوا فلم تكن سندريلا ابداً لتنتمي لعالمهم .. هل تعلمون أنها غادرت الحفل فى هدوء متسللة من الباب الخلفي حتى لا يراها الأمير ، لذلك لم تكن لتستطيع الوصول لمكان العربة المسحورة والتى وقفت امام البوابة الرئيسية ، بل أخذت طريقها ناحية البيت وسط أزقة وحوارى المدينة الفقيرة

كان المشهد عجيباً .. فتاة فى كامل زينتها وبثياب الأميرات وبحذاء مصنوع من الزجاج النقي - والذي لا تستطيع الأميرات الحصول على مثله - تعبر طرقات الفقراء فى هدوء وبدون خوف أو قلق ويبدو أنها تعرف طريقها بشكل أدهش الجالسون حول نيران اشعلوها للتدفئة فى تلك الليلة الباردة وبجوارهم أطفالهم يأنون من الجوع .. الجوع الذي أصبح كالغراب ينعق فى كل أزقة المدينة التى لم تعرف يوماً طعماً للشبع أو دفء الأسِرٌة ، ولم يعتد أحد سكانها التجرؤ يوما على  الحلم ، ذلك أن النوم بهدوء وسكينة لم يكن من ضمن ممتلكات الفقراء في تلك المدينة

لما وصلت سندريلا قرب السوق كان هناك امرأة ومعها ثلاثة أطفال يبكون وينامون على الأرض وبرودة الطقس تكاد تفتك بهم ، وأمهم مصابة بالعمى  ... يا الله من يعول من!! الأطفال يعولون تلك الكفيفة أم الأم تعول أطفالها؟! ... لما توقفت عندهم سندريلا انهمرت دموعها وبللت ثوبها بدون أن تشعر ... كانت الساحرة قد أخبرتها انها لو بكت او فقدت حذائها ستتحول من أميرة إلى فقيرة ، ولكن ها هى دموعها تنهمر كالنهر الصغير  وبدون أن تستطيع ايقافها

أدركت الفتاة انها ستتحول لفقيرة الآن فخلعت الحذاء الزجاجى ودخلت احدى الحانات وراحت تعرضه للبيع على كل الساهرين السكارى  ، ولكن الحذاء أعجب الراقصة فدفعت ثمناً مرتفعا ثمنا له ، واخذته وهى ترى نفسها ترقص فى قصور الأمراء بمثل ذلك الحذاء الذي لا تملكة أميرات تلكم القصور ... والذي ستجنى من وراءه أموالا كثيرة ، وقد تصبح عشيقة أحدهم

أخذت سندريلا المال واشترت ببعضه طعاماً وغطاءً ورجعت حيث تركت السيدة وأطفالها وسهرت على اطعام الأطفال ودفئتهم بالغطاء ، ثم أنها مدت يدها لتمسك بكف الأم وفتحت كفها وقبلتها قبلة فتاة لأمها ووضعت ما تبقى من ثمن الحذاء في يدها وهى تهمس فى أذنها  ... يا أمى أطعمي أولادك بهذا والله معك .. ثم غادرت

لما نظرت سندريلا لنفسها وجدت أن ملابسها قد تغيرت لملابسها القديمة البالية التى اعتادت زوجة أبيها على إلباسها ، لم تحزن الفتاة بل مشت فى طريقها نحو منزلها وقد بدأ نور الصباح يفتح يده ليغسل خطيئة الليل الذي يأتى ليحيل حياة الفقراء لجحيم كل ليلة ، ومدت الشمس يدها الدافئة لتربت على ظهور الضعفاء 

عادت الفتاة الطيبة لبيتها ولحياتها الفقيرة  ، ولكن الأمير لم يعد لحياته ... ذلك أنه قد أحب بالفعل ، بل صدقاً كان قد وجد توأم روحه التى خلقت معه وظل يبحث عنها سنوات شبابه الذي اوشك على الرحيل ، سهر الأمير ليال طويلة ، ولم يعد يهتم بمظهره ، وتبدل حاله وأصبح يروى الشعر ، ويراوده حلم واحد كل ليله ... بأنه يحتضن حبيبته صاحبة الحذاء الزجاجي على شاطئ البحر ، وبدا الأمير يتحول إلى عاشق فبدأ يعبر الطرقات بحثاً عن حبه ، وبات ليال كثيرة على شاطئ البحر يعبث بحلمه 

وفي يوم لم يعد الأمير إلى قصره بل راح يعيش بين فقراء مدينته هؤلاء الذين لم يعرفهم طوال حياته السابقة ، وهو اليوم اصبح احدهم ، جاع مثلهم ، وعانى البرد ، ونام في الطرقات ، بل تسول مثلهم ، يا للعجب فقراء يتسولون من بعضهم البعض حتى يبقون على قيد الحياة بمساعدة بعضهم ... من ذلك اليوم لم يعد الأمير أميرا ولم يرجع لقصره أبداً

وذات يوم عبر الأمير ناحية السوق في ثيابه الرثة حتى اقترب من المرأة العمياء وشاهدها هي وأطفالها ، بكى الأمير لما يراه ومد يده في جيبه فلم يجد أية نقود ، اسرع الأمير للسوق وقضى يومه فى حمل الأغراض للمتسوقين حتى جمع مبلغاً ضئيلاً ، اشترى به طعام وعاد للمرأة وأطفالها فأعطاهم الطعام ... في ذلك اليوم نام هو بدون طعام ، لكنه نام بضمير مرتاح نوماً لم يهنأ به يوماً ، واصبح هذا مشواره اليومي ونذر نفسه لهدف سام ... ان ينقذ هؤلاء 

بعد اسابيع ضعف الأمير وأصابه الهزال ، فهو لم يعتد مشوار الشقاء هذا ، ولم يكن ليحصل على طعام كاف ، ولما احس الأمير أنه على وشك الموت ، فضل ان يموت على شاطئ البحر حيث يقبع حلمه ، فذهب للشاطئ واستلقى هناك ينتظر قدره ، ولكنه ينتظره وهو سعيد أنه أنقذ أرواحاً بريئة 

في ذلك اليوم جاءت فتاة فقيرة ناحية البحر تبحث عن الرجل الذي يساعد المرأة العمياء ، لما اخبرتها المرأة بقصته وبأنه مريض ... جاءت لتمرضه حتى تسعد قلب المرأة وتحفظ لهم من يعولهم ، وعندما وجدته كان ضعيفا شاحبا يرتعد من البرد  ، لم تعرف الفتاة الأمير ، كانت الفتاة هي سندريلا والتى لم يعرفها الأمير فى ثياب الفقراء ومعيشة الفقراء

كان الأمير مريضا ولم تكن لتملك اموال حتى تذهب به للطبيب أو تأتيه بطعام ، ذهب الفتاة للحانة التى باعت فيها حذائها وقابلت ذات الراقصة ... في هذه المرة باعت لها شعرها بعد أن قصته  ... يالله كم انت طيبة القلب يا سندريلا  ... وذهبت بالطبيب حيث تركت الأمير وراحت تمرضه واستأجرت له مكانا فى غرفة خشبيه مع بعض المشردين وراحت تقضى الليالي على علاجه ، ولما افاق الأمير لم يعرفها ولكنها عرفته ودق قلبها بشدة فى ذلك اليوم 

ولما حكى لها الأمير عن قصته بكت بكاءً شديداً ، ولكن الأمير في ذلك اليوم اعترف لها أنه نسي الفتاة صاحبة الحذاء ، فقد كان حبها هي ينمو في قلبه كل يوم حتى صار كالشلال الهادر ذلك حين ادرك بأنها تنتمي له فهى جزء منه بحث عنه طويلاً ... بكت الفتاة واحتضنته وهى تقبل كل جزء فى وجهه ، حدث ذلك  .. على شاطئ البحر 

لما عرف الأمير أنها الفتاة صاحبة الحذاء سقط مغشياً عليه من العشق ، ولما أفاق قبلها قبلة الحياة ودفن فى حضنها كل آلام ايام الفقر والبرد التى مرت به ، واخيراً عاد الجزء المفقود للجسد فالتأم وصارا واحداً ... منذ ذلك اليوم لم يعد الأمير لقصره بل تزوج الفتاة واصبح يعمل حمالا في السوق ليعول زوجته والمرأة العمياء وأطفالها 

يقول الحكيم يا ولدى ذلك هو الحب ... نظل لسنوات نبحث عن روحنا الأخرى فى دروب الحياة  ... ومن يجدها لا يحتاج ساعتها سوى للقيمات كي تبقيه على قيد الحياة حتى يأتى نهر الحب فى كل يوم ليرتوى منه .. ذلك هو العطاء عندما يكون خالصا يرتد على صاحبه فالله دائما كريم يعطى من منح ويجود عليه بكل كرم








السبت، 19 يناير 2013

قلب يستحق الدفء



ذات شتاء وعلى جنبات الغابة راحت الرياح تضرب أوراق الأشجار بعنف ، وحين زمجر الشتاء معلنا قسوته على سكان غابة الحكماء ، بدا له لما انخفضت الحرارة بشكل جعل اسنان الأوراق الخضراء تصطك فى عنف بالغ أن قلب حبيبته المرهف على وشك التجمد ، وعندما سالت دمعتان على خده حزناً عليها  بعد أن أمسك يدها واستشعر برودة جسدها المتجمد ، راح يبحث ويفتش فى جنبات الغابة عن نار حتى يجعلها مدفأة لقلب حبيبته النقي تلك الفراشة الملائكية ... ولكن لم يكن القدر ليجود بها فى مثل ذلك الوقت وخاصة بعد أن أغلق الجميع نوافذ الأمل وفتحوا أكف الحاجة في أبشع صور الإنسان عندما يحتال على قلوب أحبته

عندها رفع كفيه للسماء متضرعاً لرب الغابة فى صمت وهو يقف على شرفتها المفتوحة ليدعو أن يتحول لشجره جافة كي توقد منها تلك الملائكية نارا تستدفئ به ، ولما نظر فى عينيها نظرة مودع ، قال لها ... حبيبتى اقتربي منى لأقبل يدك وراح ينفخ في كفيها ليبعث فيهما الدفء.

تقول الفتاة لما قبلته بين عينيه واغمضت عيني لبرهة لم اكن لأعرف أنه سيفعلها ... سيجود بنفسه حتى ينقذنى ، ولما فتحت عنين لم أكد  ارى سوى شجرة جافة امامي وانا امسكها بيدي ، ولم استيقظ سوى على صوته فى السماء يطلب مني أن أقطع الشجرة لأجعلها وقودا للمدفأة ... تقول بكيت في تلك الليلة حبيباً وصديقاً وعشيقاً وزوجاً حتى سالت أنهار الغابة ولسنوات عجزت عن تجفيف دموعها

تروى السلحفاة العجوز ان نار تلك المدفأة التى اوقدتها ليلتها من أغصان شجرة عاشقها لم تنطفئ منذ ذلك الوقت .. وانها اصبحت قبلة كل العشاق فى ليالي الشتاء الطويلة لسنوات وسنوات ... ثم اردفت تقول الدفء يشع من قلوب العاشقين حيث مروا ومدفأة الحب تحيل برد النفوس لجنة دافئة ... لكن غابة الحكماء تحتاج لمئات المدافئ حتى تنقذ الغابة 




السبت، 5 يناير 2013

ناقــوس الأرواح


لما دق ناقوس الأروح وانتفضت جدرانه في فزع ، سقطت تلك الكرة المضيئة من السماء وهي تحمل بداخلها روحين قد خلقا معا وأرسلا للأرض ، وحين لامست الكرة النورانية جوء الأرض المشبع بالخطايا ، انقسمت إلى جزئين ، حاول الروحان التماسك وتشابكت الأيدي ،  ولكن قدرهما كان الإفتراق والدموع ... فكان هو  ... وكانت هي 

هو إرتحل طوال عمره ، جاب الطرقات يبحث عن توأم روحه ، ولما امطرت عليه السماء ذات ليلة عندما سكب السحب البضاء بكفيه ، ابتل قلبه وانسال على وجنته دمعة دافئة سقطت على الأرض فأنبت زهرة واحدة ، نظر لها نظرة حانية وهمس في بتلاتها بكلمه حالمة ثم غادر فى طريقه

هي وإدت طوال عمرها فى بئر سحيق ليس له قرار ، وكانت جل أيامها ارتحال بين جدران محبسها ولما بزغ ربيعها وإدت فى جب آخر أصغر حجما لسنوات كانت كافية لتحويل تلك النوارنية إلى هيكل مهدوم يبحث عن نهايته حتى يعود لأبيه فى السماء

التقاها يوم أخبرتها الزهرة عنه عندما اعلمتها انه نطق باسمها وأعلمتها انه مازال يبحث عنها ويجوب الطرقات هائماً على وجهه ، فانبعث قوتها بركاناً لتحطم جدران محبسها وكسرت الأسوار وامتطت صهوة جواد الشوق وعبرت به الطرقات ناحية البحر  كي تبحث عنه

هناك لما سطعت الشمس وعلى شاطئ البحر التقته فامتزج الروحان طوال اليوم وعادا من حيث قدما روحا واحدة وارتحلا فوق صهوة الخطر الى حيث ينتظرهما قدرهما المقدور زوجين للأبد



الخميس، 13 ديسمبر 2012

قطرة مطر


تلكم الليلة لما سقطت تلك القطرة على كفه بعد أن مدها لتلقى بركة السماء ، كانت جد مختلفة .. ولما حاول فك رموزها بإصبعين حركهما الشوق ألفى تلك الملائكية متكومة داخل تلك القطرة منكفئة على نفسها تنعي حريتها ، ولما ان نزع عنها ملابسها المبتلة ومنحها الحرية التى لم تحلم بها يوماً ... نزعت قلبها من بين ثنايا جوفها وفتحت قلبه ووضعته داخله ، ونظرت فى عينيه وهي تبتسم قائلة .. أهب قلبى لمن منحنى حريتى فى يوم ميلادي هذا .. أهب نفسي لمن ملكنى
لم يكن يدرى انه فى هذه الليلة اصبح يحيا بقلبها هي حيث ترك قلبه هناك للأبد داخل جسد تلك الملائكية
تقول الأسطورة انه بعد تلك الليله لم يعثر لهما على أثر ولكن نبت فى تلك البقعة ... زهرة جوري تزهر طوال العام